ربما سيكون الحدث البارز في الدورة المقبلة لمهرجان القاهرة السينمائي، حضور السينما التركية بكثافة تفوق ما كان يحصل في الدورات السابقة. ومن المؤكد ان هذا الحضور سيلفت الأنظار على ضوء النجاح الكبير للدراما التركية على الشاشات الصغيرة، ما يشكل صدى لمطالبات تحدثت أن من الضروري الآن بعد اكتشاف التلفزة التركية، اكتشاف السينما التركية. ومن هنا سيتاح لجمهور المهرجان القاهري هذه السنة مشاهدة بعض انتاج هذه السينما التي بات لها حضور كبير في العالم. ومن أبرز ما يعرض فيلم «النقطة» إخراج درفيس زيم وتدور أحداثه من خلال فكرة فلسفية بديعة تستعين بجماليات الخط العربي من خلال أحمد طالب الخط الذي يعيش صراعاً داخلياً لتورطه في عملية بيع وشراء مصحف كتبه خطاط شهير يدعى «مالك» في القرن الثالث عشر من دون أن يضع النقطة على العبارة الأخيرة (عفى الله عنه) والنقطة هنا تمثل المعنى المجازي للبحث عن الإيمان، لأن هذا الشخص أحمد يعاني صراعاً بين الحياة المادية التي تفرض عليه بيع النسخة للحصول على المال الذي يفتقده والتساؤلات الروحية في داخله.
أما فيلم «الرسول» إخراج كاجان أيرماك وتدور أحداثه في قرية منعزلة يعاني أهلها من الظلم والفساد، ويأتي حكيم جوال يحكي قصص الأنبياء للأطفال فتتولد داخل البعض الرغبة في مقاومة الفساد ولكن القصص عندما تتحول إلى نبوءة ستأتي الريح ومن بعدها المرض وسيدرك الأهالي أن ليس أمامهم مفر من الرحيل.
وفيلم «وجوه متخفية» إخراج هندان ابيكي الذي يتناول عادات وتقاليد القتل من أجل الشرف حيث زهرة التي تعيش في إحدى القرى التركية وتقع في حب شخص وتحمل منه سفاحاً وعلى رغم استعداده الزواج منها إلا أن أسرتها ترفض وتقتله وتأمر أخاها اسماعيل بقتلها لكنه لم يستطع ويطلب منها الهرب وتتوالى الأحداث في إطار درامي لا يخلو من الإثارة والتشويق.
وفيلم «هافار» من إخراج محمد جوليريوز تدور أحداثه أيضاً حول قضايا القتل من أجل الشرف حيث تثير سلسلة متعاقبة من عمليات انتحار مجموعة من الفتيات في قرية باتمان في الجنوب الشرقي الضجة حولها ونبهت الرأي العام وكشفت في ما بعد ما يسمى بالقتل المشرف. هافار شابة أطلقت عليها إشاعة بأنها على علاقة مع رجل وعندما علم شيماز ابن عمها وزوج المستقبل بهذه العلاقة أصر على والدها أن يقتل ابنته ويتخلص من عارها فأصبحت هافار الضحية ووالدها الجلاد.
وفيلم «الخطان» من إخراج سليم إيفسي ويتناول قصة لهويتين متباينتين لرجل وامرأة وملامح خاصة لشخصيتهما، تبدأ حكايتهما في اسطنبول، المدينة الكبيرة وسرعان ما تتحول إلى قصة مثيرة عبر الطريق، سيلن سيدة أعمال تعيش مع صديق يصغرها في العمر في العاصمة التركية ويقرران خلال العطلة الصيفية الذهاب إلى الجنوب براً وتبدأ رحلة طويلة ومثيرة.
أما فيلم «اللاجئ» من إخراج ريس سوليك فتدور أحداثه حول سيفان هو شاب في العشرين من عمره يعيش في جنوب شرق الأناضول مع والده ساهو زعيم قبيلة جفدانلي الذي حاول جاهداً أن يبقى بعيداً عن الحكومة وبطش الخارجين على القانون للحفاظ على بقاء قبيلته وأمنها، في أحد الأيام قابل سيفان حبيبته بيرفين في أحد المزارع القريبة من القرية التي خربها المتمردون وحرقوها تغيرت حياة سيفان تغييراً جذرياً عندما بدأت التحقيقات حول الحادث وأصبح حائراً بين نيل رضا السلطات أم ولاء المتمردين، شعر ساهو بالخطر الذي يواجه ابنه وطلب منه ترك البلد والفرار إلى ألمانيا بمساعدة شبكة غير قانونية، يحاول سيفان التأقلم مع حياته الجديدة في معسكر اللاجئين والخروج من محنته التي أثرت بالكامل على حياته.
وأخيراً هناك طبعاً فيلم «ثلاثة قرود» من إخراج نوري بلجي جيلان الذي فاز بجائزة أفضل إخراج في مهرجان «كان» الحادي والستين عام 2008، وتدور أحداث الفيلم في مناطق استنبول التي نادراً ما يزورها الأجانب حيث يركز المخرج جيلان عدسة الكاميرا على أربع شخصيات: زوج وزوجة وابنهما إضافة إلى رئيس الزوج في العمل. ويتناول الفيلم العلاقات الإنسانية داخل أسرة تجاهد لكي تبقى موحدة على رغم صعوبات حياتية خاصة، وعلى رغم رفض أفرادها مواجهة الحقيقة وتحمل ما يترتب عليها من تبعات مثل حكاية القرود الثلاثة التي لا تتكلم ولا ترى ولا تسمع.